الثلاثاء، 15 يونيو 2010

الغفران ...والانتقام

ان ثقافة التسامح والتصالح والعفو هي الطريق الوحيد للسلام والسعادة الفردية والجماعية وهي السر الذي إن لم نسعى لاكتشافه ظل خفياً عنا ، وليس الهدف هنا ان يكون المقال بمثابة مرشد للغفران لانه من المستحيل أن تخبر شخص او تنظيم او حزب او نظام كيف يجب ان يغفر ، ولكن اطمح ان يساعد في توضيح السبب وراء الحاجة إلى التسامح والتصالح ، والغفران يتعدى العدل الانساني إذا انه يسعى الى الصفح عن تلك الامور التي لايمكن الصفح عنها ابداً في ثقافتنا إذا هو أكبر من مجرد التماس الاعذار فعندما نلتمس العذر لشخص فأننا ننحي جانباً الاخطاء ولانعاقبهم عليها ولكن عندما نغفر فنحن لانتسامح فقط في الخطاء ولكننا نعلم ان ذلك المخطيء هو المسئول ونسعى إلى إعادة تأهيلة واستعادته مرة أخرى الى الحياة الطبيعية । وقد يبد غفراننا غير مقبول دائما ، ولكن بمجرد أن يكون الغفران في متناول ايدينا فأننا نتجنب نظر أنفسنا عند الشعور بالكراهية । ربما نظل مجروحين بسبب الم ولكننا يجب ان لانستخدم الالم الذي نشعر به لاحداث مزيد من الالم للاخرين .
ويتجنب المواطنين اليمنيين الغفران كثقافة بدائية اذا لم اجزم القول بانهم يحتقرواه لانهم يؤكدون على الفردية واهمية الحفاظ على الذات ، ومن ثقافتنا كيمنيين اننا نعتبر الغفران ضعف وذل وخضوع وهذه مشكلة ثقافية اساسية ويجب ان نعمل على الحد منها كإعلاميين وحقوقيين وكمؤسسات حكومية وكمنظمات وكنقابات وكافراد وجماعات، ان الغفران بحد ذاتة له طاقة جبارة فهو تاكيد على رقي كرامة الانسان حين يملك المرؤ الوسيلة والقدرة على الغفران ، ربما يكون من الصعب ان نفهم ذلك ولكن من وجهة النظر المثالية أعتقد إنه إن كانت هناك رغبة في إحلال الامن والاستقرار والتنمية في وطني او في اي وطن آخر فلا بد ان يكون هناك الغفران بشكل ملموس .. ثقافة الغفران تقوي حياتنا وعملنا وتاتي بالراحة الحقيقة لاصعب المواقف لانها تسمح لنا ان ننحني جانباً للعدالة الانسانية وتبعدنا عن المجازاة الشر بالشر ، والاكثر من ذلك فثقافة الغفران سلسلة من ردود الافعال الايجابية التي تاتي بثمار الغفران للاخرين . ومن الاسباب الشائعة التي تحد من الغفران في مجتمعنا اليمني هي اختلاق الاعذار والاسباب والمبررات الواهية ومتى ما تولد لدينا ثقافة الغفران ومعرفة بانه لايمكن لاي مقدار من العقوبة ان يعادل احساسنا بالغضب هنا فقط سوف نكون وضعنا اللبنات الاولى الى مجتمع يمني يستطيع ان ينعم بالامن والاستقرار والتنمية . والسؤال الذي يضع نفسة في قضية الحراك وقضية صعده وقضية القاعدة وقضية الفساد السياسي من يغفر لمن ؟ صحيح ان طريق الغفران في البداية طويل ومؤلم ولكن واجب علينا ان نغفر لكثر من شخص ومؤسسة وجهة ومنظمة وتنظيم وقبيلة ومسئول ومواطن بسيط ومجرم وسجان وحزب سياسي حاكم ومعارض ويعتبر مفتاح الغفران ان نغفر لنفسنا اولاً فقد يكون غضبنا على الاخرين محاولة منا للهروب من غفراننا لانفسنا فالقينا باخطائنا على الاخرين ، ان الحرية والديمقراطية والامن والاستقرار والتنمية التي نشاهدها في المجتمعات المتطورة هي بسبب قوة الغفران في تلك المجتمعات والدرس الذي يجب ان نتعلمة جميعنا اليمنيين مهما بلغت المواقف في حياتنا هو اذا استمر الغفران مفقووووووود وغاااااائب في قلوبنا تجاه انفسنا ونحو من أسئوا إلينا فلن ننعم بالسلام مهما كان الحق الذي نطالب به . يصعب انتشار ثقافة الغفران والتسامح بسهولة في مجتمع بدائي متخلف لا يجيد القراء والكتابة مجتمع يعتمد على ثقافة الانتقام والثأر والاختطاف والتقطع والنخب السياسية والدينية تفكر بالانتقام والثار والتنكيل من كان سبب في اخراجها الى خارج القرار السياسي باي طريقة وباي اسلوب ورغبتهم بالانتقام والثأر تتركهم مشوشين ومليئين سخطاً ومحبطين ، والغفران ليس التغاضي عن الخطاء ففي بعض الحالات يكون الغفران والنسيان ليس فقط مستحيلاً وحسب ولكنة قد يكون شيء غير اخلاقي . فكيف يمكن لاي شخص ان ينسى ابنه او ابنتة او ظلم نفسة او ظلم وطنة ؟ إن مشاعر الألم والغضب لابد منها وقد تكون ضرورية أيضا ولكن يجب ان تنتهي هذه المشاعر بالاشتياق الى المصالحه والتسامح والعفو ولان الغفران هو الطريق الوحيد لكي نتوافق مع فقداننا للاشياء الثمينة وكي نجعل من العدالة وسيلة مصالحة لا مجرد عقاب ونقف ضد سياسة التربية والتعليم في مدارسنا عندما يشتكي احد الطلاب الى المعلم بسبب سوء معاملة زميلة ويقوم المدرس بضرب المشاغب ويصل احيانا الى الضرب المبرح تحقيقا للعدالة وتجسيدا بان العدالة عقاب وليس مصالحة وهنا تكمن المشكلة الاولى !! ونقف ايضا ضد زعماء القبيلة عندما يدعوننا الى قطع الطريق ( القطاع ) او القتل كنوع من رد الاعتبار للقبيلة ، ونقف ايضا ضد الافلام الهندية التي يعود البطل في نهاية الفلم الى الانتقام من الاعداء بطريقة شرسة ومبالغ فيها في طريق اداء الانتقام ولم نشاهد يوما ماء عودة البطل ويقوم بمصالحة الاعداء تحقيقا للعدالة الانسانية ونقف ايضا ضد خطباء المساجد ورجال الدين الذين يدعون من ظلمونا بارملت نسائهم وتيتيم اطفالهم وهزهم هزاء ومن هذا الدعاء الذي لا يدعوا الى التسامح والمصالحه وتأهيل الطرف الاخر . وكما يقول المثال الصيني (من يفكر بالانتقام يجب ان يحفر قبرين) فهل يعي كل من يريد ان ينتقم بقوة السلاح انه في الطريق الغير سليم وانه يحفر قبرة بيده . هل استطيع ان انادي كل المتشدقين بالحقوق مواطنين وتنظيمات وجماعات واحزاب في السلطة والمعارضة وجماعة الحوثي وجماعة السلطة وجماعة حميد الاحمر وجماعة الحراك وجماعة القاعدة لنضع حجر الاساس لثقافة الغفران والتسامح والتصالح بمفهومة الحقيقي وندع الاجر والجزء على الله ।عندها فقط سوف ننعم بمعنى الادمية ونعيش كادميين ॥محبتي لكل من يغفر لنفسة اولاً والى الاخرين ويعمل على تأهيلهم كثمرة من ثمار الغفران .

هناك تعليقان (2):

  1. عبد الله مصلح3 سبتمبر 2010 في 5:41 م

    ذكرتني بالمسيح عليه السلام يا محسن، من لطمك في خدك الأيمن ، فأدر له الخد الأيسر

    ردحذف
  2. :)
    طاهش الحوبان لك تحية من "مصيبة القُدار"..اكيد تعرف هذا الإسم

    اليوم انتبهت لمدونتك ودخلت اتفقد..ولي تعليق اخر
    هذا فقط تسجيل حضور ..

    تحياتي

    ردحذف